السلام عليك يا أبا عبد الله... السلام عليك يابن رسول الله... السلام عليك وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك وأناخت برحلك... عليك منّي سلام الله أبداً ما بقيت وبقي اللّيل والنهار، ولا جعله آخر العهد منّي لزيارتكم". تطلّ علينا مرّة أُخرى ذكرى محرّم الحرام... تستدر الدموع من الأعماق، وتعتصر القلوب حزنا على المقتول بنينوى... وتبعث في النفوس هوى عارماً لدرب الحسين (عليه السلام)، ولطريق الحسين (عليه السلام)، ولإنسانية الحسين (عليه السلام). درب عبّده الإباء وزيّنه النصر، وأنارته إشراقة اليقين بلقاء الله، وطريق لا أوضح منه ولا أجلى، وقفت فيه الثُلَّة المؤمنة على قلّة العدد وخذلان الناصر، يتقدّمهم سيد الإباء ورائد الفداء; ليجسّد قوله تعالى: (كَمْ مِنْ فِئَة قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ). وإنسانية ينتسب إليها كلَّ شريف... وكلّ من تمثّل روح الحسين وأخلاقهُ سلوكاً يطفح بالإيثار وإنكار الذات. إنّها إنسانية الحسين، تطرد عن ساحتها لقلقة الألسنة المنافقة، تطرد كلّ من لا يرى سوى ذاته الضيّقة المحدودة. لقد رأى الحسين دينا لا يستقيم إلاّ ببذل دمه الطاهر، وأُمّة أشدّ ما تكون احتياجاً للأصلاح... فتحرك ركبه من مدينة جدّه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) متوجهاً إلى مكّة ومنها إلى كربلاء. كان همّه الأكبر أن يعلو شأن الإسلام، وأن ينتشل المستضعفين من أنياب الطواغيت. وغادر الحسين مكّة، لئلاّ يضطر أعداؤه المتجردين عن كلّ المبادئ لقتله فيها، وفي ذلك من وجهة نظره انتهاك لحرمة البيت العتيق... فخرج منها وهو يقول: آ«لئن أُقتل على تلّ أعفر، أحبُّ إليّ من أن تنتهك بي حرمة البيتآ». واتّجه الركب إلى كربلاء، يقطع الفيافي والوديان... قاصداً الأرض التي عرفها ووصفها له جدّه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).. آه منك ياكربلاء، كيف استقبلت أقدامه الشريفة؟ كيف شربت دمه الطاهر فأصبحت قبلة لكلّ ثائر ولكل رافض ولكلّ مهاجر. ولكننا نتساءل: هل قُتلَ شخص الحسين فقط يوم عاشوراء؟ ويأتي الجواب واضحاً صادقاً: إنّ الذي قتلوه هو الدين... وهو الهُدى... وهو التكبير والتهليل، فها هي قرائح الشعراء الذين انفعلوا بصدق مع ملحمة الحسين تنطق بذلك بكل صراحة: سهمٌ أصاب حشاكَ يابنَ محمّد***سهم به قلب الهداية قد رُمي أو كما قال الآخر: ويكبِّرون بأنْ قُتلِتَ وإنّما *** قتلوا بك التكبير والتّهليلا أيَّها المؤمنون في كلّ مكان... أيُّها المحترقون ألماً لمصاب الحسين... أيُّها السائرون على نهجه... اسمعوا ما يقول أئمتكم بحقّ عاشوراء، هذا هو الصادق (عليه السلام) يقول: آ«إنّ يوم الحسين أسبل دموعنا... وأقرح جفوننا... وأذلّ عزيزناآ». وهذا هو الرضا (عليه السلام) يقول: آ«يابن شبيب إنْ كنت باكيا فابك للحسين، فإنّه قتل وذبح كما تُذبح الشاة من القفاآ». وفي الختام نقول: عهداً لك يا حسين، بأنّنا سائرون على دربك، نأبى الذُلَّ ولو أُعطينا جبالاً من الذَّهب، سنبقى سيدي ومولاي مستضيئين بنورك، مستمدين من عزمك... أيُّها السبط الذي تنكرّت له أُمّة جدّه وهو لا يريد سوى خلاصها وصلاحها. عزاءً لصاحب الأمر والزمان (عليه السلام)، ولعلماء الدين الأعلام في كلّ مكان... ولكم أيُّها الشيعة ولكلّ إنسان هزّه موقف أبي عبد الله من أيّ بلد ومن أيّ مذهّب وبأيّة لغة تكلّم . وبهذه المناسبة الاليمة نوجه كلمة الى أصحاب مجالس العزاء واصحاب المواكب الحسينية . ان الرصيد الشعبي مطلوب ومهم لأدامة أي فكرة او قضية والتي في مقدمتها قضية الشعائر الحسينية وأحياءها وان الائمة عليهم السلام قد بذلوا قصارى جهدهم وانفسهم من اجل مواصلة هذا العمل وادامته واوضح هناك عوامل اضافية ينبغي التركيز عليها واخذها بنظر الاعتبار غير عامل المظلومية , وان التركيز على الجوانب الفكرية لايستقطب اكبر عدد من الناس بل يجب ان يمتزج مع الجوانب العاطفية لأنها ذات استقطاب وأقبال اكبر وتحيي اشياء جديدة في نفوس المسلمين واكد على تطبيق توصيات الائمة الاطهار صلوات الله عليهم في تطبيق هذه الشعائر واحيائها من اجل بقائها والمحافظة على ديمومتها . وان كل شخص يقدم على موضوع ومنه الشعائر واقصد به ( مسؤول الموكب ) ان يكون معتقداً ومؤمن بقضية الامام الحسين (ع) ايماناً مطلقاً ونشدد على عدم زج وتدخيل قضية الامام الحسين (ع) في الامور والقضايا السياسة لأنه يعتبر تقصير وتقليل من قيمة هذه القضية وانها اكبر من أي سياسة وتسيء الى الامام الحسين (ع) اولاً والى الدين ممثلاً بمدرسة اهل البيت عليهم السلام ثانياً , والعمل على تنظيم الامور والمهام والواجبات فيما بينكم لما له من اهمية في انجاح هذا العمل وجعله اكثر مقبولية واخر دعوانا نسأل الله ان يجعلنا من خدام الحسين عليه السلام .
|